بركان أو البرتقالة التي تصرّ على الحكي
|
بركان أو البرتقالة
|
بمناسبة الملتقى الوطني الأول للقصة القصيرة ببركان ( 11و 12 يونيو 2011) لا أدري لماذا أتصوّر بركان امرأة وليس رجلا رغم أن أبركان حسب الرواية الشفوية رجل رجل اختلفوا في وصفه : " أسود " , سلطان , شريف .... أتصور بركان شجرة شجرة برتقال شجرة زعرور شجرة أركان أو هكذا فقط شجرة شجرة المطلق الأشجار تحيط فعلا ببركان من كل الجهات بركان جزيرة يحيط بها بحر أخضر ... الطيور أيضا ساهمت في كتابة أسطورة بركان : طائر النغاف , الحسون , الهزار , أبو موسى , وخاصة اللقلاق اللقلاق الأبيض الذي يزيّن ليلها الأسود ... الغريب أن طائر اللقلاق موجود بكثرة في ساحة المدينة حيث ضريح " المولى امحمد أبركان " الأسود !! الطيور اذن لها رواية أخرى عن بركان ـ أبركان إنها تقول بلسان لا شبهة فيه : " بركان ليست سوداء , إنها بيضاء بلوني أو أكثر " والجبال ماذا تفعل هنا ؟ جبال بني يزناسن أو " تيزناسن " كما يحلو لصديقي عبدالسلا الخنوسي أن يصحح . عبدالسلام يحمل في لسانه ممحاة كبيرة أخطر من كل ممحوات ألان روب غرييه إنه يمحو ويشطب على الكثير من الأفكار المتوارثة . مايبقى بعد المحو " الجبل أمازيغي " هل فعلا الجبل أمازيغي ؟ أم أنه عربي ؟ أم أنه مكتوب بلسان الجغرافيا وخطوط الأزل , بعيدا عن اللغات والايديولوجيات وأوهام البشر ؟ الأكيد أن أوهام الجبل أقوى بكثير من أوهام البشر ! من أتى بأبركان إلى هنا , إلى بركان ؟ هنا تتوقف الذاكرة والتاريخ ... وتنفتح أزهار التخييل من الذي يأتي بالرجال عموما ؟ هل أتت به بركان البيضاء ؟ رجل يأتي من بعيد , من جنوب المغرب , من الصحراء , وربما أبعد من الصحراء يأتي ليقيم وسط الأبيض نقطة سوداء في قماش أبيض سي محمد علمي مدير المجلس الإقليمي للسياحة لا إجابة له في أسفل الجبل , تحت سفوح تافوغالت الحادة كانت هناك نساء عرافات , طبيبات , صانعات أعشاب ... في الرحلة التي نظمتها الجمعية " جمعية أبركان للثقافة والتراث " , لم نتوقف عند أولئك النسوة . هل كان أصدقائي في الجمعية يخفون شيئا ما ؟ ! في طريقنا الى بركان أنا والصديق العزيز بلقاسم سداين كدنا أن نتوقف هناك لولا معارضة الفنان حفيظ ومدير جريدة " تاوريرت بلوس " عبدالقادر , ولا أعرف لماذا في أعلى الجبل هناك امرأة أخرى ليست بالهينة إنها " فاطمة الفاسية " بدت لي أخطر من خديجة البيضاوية لمحمد زفزاف هناك في تافوغالت أقامت فاطمة فضاء سياحيا وثقافيا وفنيا... كانت فاطمة سعيدة وهي تستقبلنا فاطمة أيضا كانت حريصة على محو شيء ما من تمثلاتنا وماقبلياتنا عندما سألتها " من أبدع هذه المنحوتات ؟ " منحوتات من حديد وطين وحجر وخشب ... قالت : " أنا " ثم انطلقت في سرد حكايتها . حكاية امرأة تعشق الطبيعة والفن وبلغة اشراقية فلوبيرية اختتمت قصتها " بايجاز شديد هذا الفضاء هو أنا " هكذا في تلافيف السرد والمشاهد واللغة كنت أعثر على ديكارت , وألان روب غرييه وفلوبير ... كلّما كنت أحرّك كرات الاحتمال إلا وكانت تفاجئني أشياء غريبة لا عهد لي بها الحمام أتى إلى هنا وبغزارة المطر أيضا جاء على دابته الاشجار , والخيال وعناصر القلب... مغارة الحمام هنا تم العثور على لقى علمية وفنية هائلة أساور , وحلي , وأدوات من حجر ومن عظام وأصداف ...تعود لأكثر من ثمانين ألف سنة فاطمة الفاسية اذن امتداد لهؤلاء ... في " زكزيل " أو بتصحيح الجميل عبدالسلام " زيزل " أي الماء الذي ينساب , هناك كانت مغارة أخرى " مغارة الجمل " , هل كان مولاي امحمد أ بركان ينتجع هنا بجمله ؟ مغارة الجمل تؤكد هذا الارتباط لبركان بالصحراء ... هل ماتت ناقة مولاي امحمد أبركان فاضطر للبقاء ؟ بركان امرأة كريمة تحدب على الجميع المنبوذين , والمشردين , والمضطهدين , والمبعدين ... ابنة عمي جاءت الى بركان واستقرت بها جاءت اليها هربا من صهد العائلة الكثير أتى الى بركان زائرا فأصبح مقيما الطيور , , اللقالق , والحمام ... بعض الاشجار جلبت من أمكنة بعيدة , لكنها ألفت الارض هنا واختارت البقاء " شجرة الزعرور , شجرة أركان ..." جل من أتى إلى هنا إلى هذه الأرض " يبرك " فيها , أي يقيم ويبقى أليس من دلالات " بركان " التوقف والجلوس والاقامة ؟ ونحن نصعد الطرق الملتوية , الضيقة , المحفرة ... التي نسيتها الدولة , في اتجاه تافوغالت داخل الحافلة الصغيرة التي وفرتها البلدية مشكورة , أثارتني المشاهد فقرأت قصيدة " حجر الملح" : حجر يهرب بوديان الملح عشب أخضر يفتق أغاني همجية وعلى نهد الجبل تنبت صبايا بلون العرعار وهذي الطرق تفضي الى حقول الدم الى بيوت صفراء بيضاء وتارة لا توجد ... ماذا يعني هذا ؟ هل أنا أيضا من بركان ؟ جاء المساء . الكل عاد الى بركان : اللقالق والعمّال والحيوانات والأحلام والقصص ... فانطلقت الحكاية بالمركب الثقافي ملوية... القصة ينبغي أن تكون ليلية هناك صنفان من الكتّاب من الذين تعاقبوا على المنصة لقراءة قصصهم : ليليون ثم نهاريون قصص ليلية وأخرى نهارية قصص أنثوية وأخرى ذكورية ها نحن من جديد نعود إلى المنطلق الى بركان وأبركان قصص بركانية وقصص أبركانية نهض عرّاب القصة الجميلة أحمد بوزفور ففاجأنا بالحب وهذا ماتنبه له الجميع لا شعوريا فأمطرونا بالحب ما معنى ذلك اذن ؟ معناه أن سي احمد بوزفور لن يشيخ أبدا وأن شتلة القصة ستزهر الى الابد ببركان عندما انتهت الامسية كانت لوحات الفنان عبد الحفيظ مديوني في انتظارنا لوحات جميلة تتداخل وتتلاقح عبرها عدة أنماط فنية : التشخيصية , التجريدية , التكعيبية ... ولكن فوق كل ذلك وتحت كل ذلك هناك البصمة الشخصية لعبد الحفيظ أقصد الايقونة السحرية : " الدائرة " الدائرة التي تتدحرج بين الاركان تارة ظاهرة وتارة مستترة لعبد الحفيظ ايضا خبزته لكنه لا يثقبها من الوسط كما فعل سارد الصديق محمد العتروس بل يتركها هكذا دون خدش دون علامة " برتقالة مغمضة" ليربكنا , ويثيرنا ويدهشنا ... وفي الاخير ليس لي إلا ان اعبّر عن سعادتي لتواجدي رفقة ثلة من القصاصين والمبدعين الخارقين : أحمد بوزفور , مصطفى الرمضاني , يحيى عمارة , حسن البقالي , محمد العتروس , الطيب هلو , محمد ايت حنا , بلقاسم سداين , عبدالقادر الطاهري , أحمد شكر , جيلالي عشي , عبدالقاهر الحجاري , بديعة بنمراح , الحسن بنمونة , محمدبنسعيد , حسن المزوني , علي عبدوس , احمد بلكاسم , عمر بختاوي , الكتكوتان فدوى الصالحي وندى الحجاري , , مدير مطبعة تريفة .... كما أشكر جمعية أبركان للثقافة والتراث التي استضافتنا بكل حب وبكل ترحيب محمد العتروس , زكية مكروم , ميمون احسايني , حسن المزوني , محمد بنسعيد , امين بولغاغ , فاتشات ابراهيم , عبدالسلام الخنوسي , فاطمة شنداد , حميد عواج عبدالحفيظ مديوني , محمد رحو , وايضا اعضاء المكتب السابق... والشكر ايضا للمجلس البلدي لبركان ولكل الشركاء ... مع مودتي الغزيرة
هل قلت شيئا ؟ أعتقد أن هذا الكلام هو مجرد تحية ورسالة شكر لجمعية أبركان للثقافة والتراث ولبركان : البشر والشجر , والحجر , والطير , والتاريخ أيضا
|